لقد شعرت بقدر من الارتياح الداخلي منذ تشكيل أول حكومة للرئيس محمد ولد الشيخ الغزاواني، التي عكست في تصوري فريقا حكوميا كرس في العديد من مميزاته القطيعة مع السياسة الاحترافية السابقة، معتمدا في خياراته التوجه إلي الابتكار والإبداع والسعي إلى خلق القيمة المضافة. نعم فريق حكومي يضم الكثير من الموظفين الدوليين الشباب والذين أثبتت خطواتهم السريعة في العديد من النواحي ملامح التكنوقراطيين والفنيين والأطر الجديين من ذوي العزم لإحداث تغيير سلس لموريتانيايخلصها من التفرج السياسي و الإهمال اللذين طبعا الساحة السياسية للبلد منذ الانقلاب على أب الأمة المرحوم المختار ولد داداه. ويكفي تأمل التفاعل الفوري غير المسبوق والتسيير المحكم والجدير للكوارث الأخيرة الناجمة عن الفيضانات التي ضربت عدة ولايات من الوطن وبشكل خاص ولاية كيديماغا، لنلتمس بروز إرادة حقيقية لتغيير الأمور عن وضعيتها المؤسفة والتعسفية التي كانت عليها في السابق. زيارات مفاجئة متكررة وحتي خارج أوقات الدوام، تعميمات، تراجع التنظيم المفرط للورشات والملتقيات و الندوات التي كانت سببا هاما في نزيف المال العام علي ذريعة انشطة غير فعالة تذهب تمويلاتها الي جيوب بعض المنتفعين. تراجع لتلك الانشطة اظهر أن الوقت قد حان للعمل الجدي و تجاوز النظريات وتناول الفطور والغذاء وتأجير الفنادق لغير فائدة علي حساب الدولة. زيارات جديدة غير مسبوقة تم تنظيمها بعيدا عن الأبواق والدعايات والتباهي وحتي احيانا بشكل غير معلن. إن صمت المعارضة الظرفي الذي يستحق التثمين رغم استعدادها إلي العودة إلي ساحة المعركة السياسية وتفاؤل حركة ايرا الانعتاقية في احداث القطيعة مع الماضي و الانخراظ في الاتجاه الصحيح وكذلك التأني غير المستعجل لتنقيط نظام وليد النشأة لائتلاف العيش معا و غيرهم من الفاعلين السياسيين الذين سئموا والفوارق والاقصاء واللامساواة، كلها عوامل شاهدة على هذه الثورة السلسة التي يعيشها البلد في ظل نظام الرئيس الميمون ولد الغزوني والتي ستشفي بلا شك موريتانيا من جميع العلل والامراض والاختلالات التي تعاني منها، بما في ذلك العبودية المنتشرة والمستعصية و اقصاء زنوج موريتانياوعدم المساواة وهيمنة مفاهيم القبلية والجهوية و العائلة والمحيط الضيق علي المصلحة العامة...الخ. نعم لم تخيب الحكومة الجديدة آمال و تطلعات الشعب الموريتاني الملقاة علي عاتقها غير مستجل الثمار حتي نضجها، حيث ان فريق ولد الشيخ سيديا استطاع في اقل من شهر ان يحدث الفرق بينه وبين كل الحكومات التي سبقته، على الرغم من ضرورة صقل السلسلة الإدارية ببطء ولكن بثبات ، بدء بالامين العام للوزارة إلى رئيس المصلحة ومرورا بالمديرين المركزيين والفرعيين، لاستئناف إصلاح متناغم ومنسجم مع تفادي تعرض الماكينة لاي خلل الي حين بلوغها ذروة عطائها في أفق 2020. كما ان الرغبة في طي صفحة التعتيم الاعلامي السائدة في وسائل الإعلام العمومي و فكرة انشاء صندوق لاستقبال الشكاوي في المستشفيات وتقديم تقارير اسبوعية حول وضعية الوفيات في المستشفيات لمجلس الوزراء للنظر فيها، تعتبر هي الاخري عوامل تعزز هذا التفاؤل البين والذي اصبح حديث الساعة في الأسواق والمساجد وسيارات النقل والمؤسسات و اللقاءات... إلخ. براهين كثيرة من بين شواهد أخرى، دفعت ضبط النفس الذي احس به منذ إعلان الحكومة يجعلني استحضر رئيس الوزراء الأكثر حماسا و وطنية و اندفاعا في تاريخ موريتانيا المعاصرة المرحوم أحمد ولد بوسيف، اسكنه الله فسيح جناته. لقد عزم الرجل علي رفع البلاد إلى قمة الأمم، لولا ذلك الحادث الجوي المشئوم والمأساوي الذي تعرض له وهو في مهامه النبيلة والذي لا تزال اسبابه مجهولةً. ان رفض رئيس الحكومة الحالية إسماعيل ولد بده ولد الشيخ سيدياتزكية النظام السابق والخضوع لأوامر لا تنسجم مع قناعته بموريتانياالمزدهرة و التي لا تتجزأ من جهة ووقوع الخيار الحصري للرئيس ولد الغزاواني، عليه، ليكون بمثابة رأس الحربة التي سيتم بواسطتها تنفيذ مشروعه المجتمعي من جهة أخري ، أيقظا في الأسابيع الثلاثة الماضية ، الإعجاب العميق والنائم الذي أكنه منذ عقود مضت للمرحوم أحمد بوسيف. لثقد أدهشني بعد متابعة التصريح الممتاز و الدبلوماسي الي حد كبير الذي خص به التلفزيون السنغالي و بعد سفره الاخير الي اليابان و عودته الي ارض الوطن، يسير بخطي سريعة غير انها ثابتة علي السجادة الحمراء، وجه التشابه الكبير في حركات وتصريحات الرجلين، وكلاهما مدفوع برغبة قوية في النجاح مهما كلف الثمن ورغم كل الصعاب. محمد ولد محمد الامين المصدر : [email protected] للاطلاع على النسخة الفرنسية، اضغط: هنا.