ما هكذا يكون الاحتفاء بالشيخ الفخامة.
علمت وأنا على جناح سفر أن المجموعة التي تطلق على نفسها منسقية أهل محنض بابه ولد أعبيد وجهت دعوة إلى أسرة الفضل والسيادة والعز والكرم أسرة أهل الشيخ سيدي. وهي بادرة طيبة من حيث الأصل لما تتضمنه من إحياء للعلاقات التاريخية التي تربط الأسرتين. وقد لبى الدعوة وفد كريم من أسرة أهل الشيخ سيدي يضم نخبة من أعيان هذه الأسرة الكريمة وكلها أعيان. إلا أنني انزعجت كثيرا بعد أن اطلعت على فعاليات الدعوة وما حدث فيها من تقصير واضح وبين في استقبال علم الأعلام وقطب الأقطاب العالم المتمكن والعارف بالله شيخنا الشيخ سيدي محمد (الفخامة) بن الشيخ عبدالرحمن (الحكومة) ابن الشيخ سيدي رضي الله عنهم وعنا بهم ونفعناببركاتهم. فقد كان استقبالا خافتا باهتا لا حياة فيه ولا روح أساء لأهل محنض بابه قبل أن يكون تقصيرا في حق الشيخ الفخامة. بحثت بين الكلمات الترحيبية علّي أجد القصائد المادحة والكلمات المثنية على الشيخ الفخامة إلا أنني وللأسف لم أقف على شيء من ذلك وهو ماكان بالنسبة لي مثار استغراب شديد. فقد كان من الطبيعي بل من الضروري أن تستغل أسرة أهل محنض بابه هذه السانحة فتستفيد من بركة حضور هذا القطب الرباني الذي تشرُف بطلعته الأمكنة وتزدان. فكان عليهم أن يدبجوا القصائد الحسان في مدح الشيخ الفخامة وأن يكتبوا الكلمات التي تتناول جوانب من شخصيته الفذة المتميزة. تتحدث عما منحه الله من علم غزير وصلاح وولاية وعرفان. تتحدث عن نشره للعلم وخدمته للقرآن الكريم وعلومه وما خرجته وتخرجه محضرته العامرة من حملة كتاب الله عز وجل. تتحدث عن جوده وكرمه وإنفاقه وبذله. تتحدث عن أدواره في الإصلاح بين الناس وعن الصحوة الدينية والاجتماعية التي جعلها الله على يديه. تتحدث عما ساقه الله لعباده على يديه من أنواع الخيرات حسا ومعنى. ولن تفي تلك الكلمات أو القصائد -لو قيلت- بعشر معشار من مناقبه ومزاياه وما خصه الله به من خصال الفضل. لذلك أجدني ملزما بالاعتذار لشيخنا الفخامة عن هذا التقصير غير اللائق. أعتذر إليه عن نفسي وعن الآباء الذين أورثونا محبة وتقدير وإجلال وإكبار أهل الشيخ سيدي لا التقصير في حقهم. يقول المختار بن حامدن: فأمّا حُبُّكم فأَرى عُروقي **** تَشَرَّبُ منهُ خالِصَهُ صَحيحَه لقد نسَختْ مَحَبَّتُكُمْ سِواها **** ونُسْخَةُ حُبِّكُمْ هي الصَّحيحَه فأنتمْ يابني الشيخِ المَعالي **** لكم ملك تَليد لا مَنيحَه سهرتم في العُلا ليل الليالي **** وما نمْتُمْ عن المَجْد الصَّبِيحَه ونحنُ عَبيدُ نُصْحِكُمُ وأنتُمْ **** أئِمَّتُنا الهُداةُ أُولُو النَّصيحَه ويقول: وإلا تُلْفِني مَعكم بِذاتِي **** فإنِّي مِنْ مَعِيِّكُم النَّصِيرِ عَليْكُمْ مِنْ خُوَيْدِمِكُمْ سَلاَمٌ **** يَطيبُ كَطِيبِ طَبْعِكُم الْعَطِيرِ ويقول في رثاء الشيخ سيد المختار (اباه)بن الشيخ سيدي محمد بن الشيخ سيدي رضي الله عنهم وعنا بهم. لوْ أنهمْ ظَـهَـروا الْمِرِّيخَ أوْ زُحَلاَ لَمْ يُــدْرِكُوا رَجُلاً بالأَمْسِ قَدْ رَحَلاَ لا حُسْنَ دينٍ ولاَ سَمْتًا ولا أَدَبًـا ولاَ وَقَــارًا ولاَ طَـبْعًا حَلاَ وحُـلَى وَلاَ تُقًى وَنَقًـا وَلاَ صَفًا وَوَفًا وَلاَ نَــدًى وَجَدًى وَلاَ عُلاً وَإلَى ولا جميعَ خِـــلالِ الخـير ما رجُـلٌ فيها يُكافئُ يومًا ذلك الرَّجُلاَ إلاَّ ابنه ابن جَــلاَ وابن ابنه ابن جلاَ يا حبَّــذا ناجلٌ منهم ومن نُجِلاَ ضَرْبٌ لِـوَاحِـدِهِمْ ضَرْبٌ لِسَائِــرِهِمْ فكلُّهم في النَّدى والسُّودَدِ ابنُ جَلاَ بيتُ القصيدِ وَوُسْطَى العِقْدِ بَيْتُهُمُ بَـيْـنَ الأماجدِ نَصًّا ليس مُحْـتَمَلاَ ويقول: فتَرنَّمْتُ بمدحٍ **** رَمَلِيٍّ وسَريعِ يُطْرِبُ السامعَ حُسْنًا **** حينَ يُلْقَى للسَّميعِ في مرادٍ من رياضالْـ **** ـمَجدِ مَطْلولٍ مَريعِ حيثُ آل الشيخ سيديْ **** يَ ذَوُو القَدرِ الرَّفيعِ فإذا بِي في ربيعٍ **** في ربيعٍ في ربيعِ وإذا النصرُ جليسي **** وإذا اليُسْرُ ضجيعي وإذا بِي لستُ أَخْشى **** من رفيعٍ أو وضيعِ ويقول في مقامته لأولاد أبييري: "وبراعة اختتامي وبيتُ قصيدي، وواسطةُ عقدي ولؤلؤةُ فَريدي، ومن بأيديهم مقاليدي وبهم تسديدي، ومنهم هاديي ورشيدي، بيت آل الشيخ سيدي بيت الدين والرشد، ومروة المروءة والمجد، وكعبة الآمال ومقام الإفضال وركن العلوم والأعمال، مطاف الحاضر والبادي ومعتكف الرائح والغادي، حسبي به من بيت ومن منزل بأبي تلميت. إلى غير ذلك مما يضيق عنه المقام. وأنا هنا أتكلم بوصفي أحد أفراد هذه الأسرة التي تدعي المنسقية الحديث باسمها وهو ادعاء تنقصه الدقة. فأنا أحد أبناء هذه الأسرة ولا علاقة لي بهذه المنسقية ولا تمثلني مواقفها ولست معنيا ولا مهتما بأنشطتها وأرفض استغلالها لاسم الأسرة من أجل مآرب شخصية. وقد سجلت هذا الموقف اليوم لأنني لا يمكن أن أسكت عما أراه إساءة تمت باسم الأسرة فالسكوت عن هذه الإساءة لا يقل عن الإساءة نفسها. فمقام الشيخ الفخامة أعظم وأجل من أن يكون استقباله بهذا الشكل.
كتبه أمين بن محمدن بن المختار بن حامدن.