انطلاق سنة دراسية جديدة على خلفية فشل
إن الأهمية التي يوليها رئيس الجمهورية لقطاع التهذيب و حرصه على إنشاء مدرسة جمهورية تستجيب لتطلعات كل المواطنين بدون تمييز قد بعث أملا جديدا في وضع نظام تربوي متميز، إلا أن قرار وزارتي التعليم الأساسي و الثانوي بإسناد بعض الفصول إلى حملة الشهادات و بدون تكوين مسبق، قد بدد ذلك الأمل إذ يعتبر تهورا و استخفافا بمستقبل الأجيال. لقد تمت تجربة هذا الحل على مدى عشر سنين خلت، و رغم تكلفته الباهظة لم يحقق النتائج المتوقعة. كل التفتيشات التربوية و التقييمات التي أجريت على النظام، أكدت بما لا يدع مجالا للشك، أن اسناد مهمة التدريس للعقدويين، كان من أبرز الأسباب التي أدت إلى فشل المدرسة الموريتانية. و هذا الفشل كان حتميا، إذ لا يمكن لهؤلاء العقدويين أن ينجحوا حيث فشل معلمون مهنيون و متمرسون. و لو افترضنا جدلا أن هؤلاء الشباب يمتلكون الكفاءة العلمية (و هذا أمر مستبعد لأن المعارف المدرسية تختلف عن المعارف الأكاديمية) فقد يجدون صعوبة في تحويل المعارف المقررة إلى معارف مستوعبة لأن ذلك يستلزم معرفة "المتعلمين" ( البعد السيكولوجي) و معرفة تكوين المعارف و انتظامها في شكل هياكل و شبكات (البعد الأبستيمولوجي و الديداكتيكي) و معرفة تقنيات الإنعاش و إدارة النشاطات المدرسية و طرق التدريس (البعد البيداغوجي). يبدوا من الواضح إذا أن التدريس ليس متاحا لغير المهنيين و لو أنه بإمكان أي أحد أن يمارس المهنة دون إعداد مسبق لأغلقت مدارس تكوين المعلمين و الأساتذة أبوابها. فتوظيف حملة الشهادات و لو مؤقتا في حقل التدريس، قرار يخدم القضاء على البطالة لكنه في الوقت نفسه قد يقضي على التعليم. فهو إذا جريمة في حق الأجيال.
و هكذا، تحت عنوان الإصلاح، نلتفت إلى الوراء بحثا عن حلول لمشاكلنا الآنية مثبتين بذلك قصور تفكيرنا و عجزنا عن ابتكار حلول ناجعة لمشاكلنا الراهنة.
المفتش يحظيه ولد الطاهر