تداول نشطاء على مواقع التواصل الإجتماعي مقالة مسبوكة اللفظ طاغية المعنى، قيل بأنه كتبها ضابط من سلاح الطيران العسكري ردا على زميل له في مساجلات لم نحصل على محتواها، مفادها أنه قال له بأن الجيش لا يجيدون الكتابة وإنما تنفيذ الأوامر فقط.
المقالة:
بعد أن ركدت في هذا العصر ريح الإبداع وأصبح الكل يستمرئ الإستئناس بنصوص غير مثقلة بثمار المعرفة ، ها أنا أخاطبكم أيها الأحبة القراء بإسم الحروف المشتركة بيننا للغة نريدها أن تظل معبدا للأنامل تسعى بين صفا تعبيره ومروة قواعده ، وحرما لايحج إليه من أقلام الكتاب إلا من إستطاع إليه سبيلا ، وبرئت ذمته من أي دين لمالك خزائنها " الأخ سيبويه" حتى لايتحول حجه لكعبة الكتاب إلى نهر من دماء ذبائح الفدية عن كل واجب يفسده من نحو ، أو إملاء، أو تعبير،فبعض كتابنا مع الأسف ليسوا على بصيرة يدركون بها عرفان القدر وكم اسمعوننا صريف أقلامهم في لجي بحر أفكارهم الغاسق ، بل وقلما نجد فيما يكتبون بلسما يشفي جراحنا أو يروي ظمأ أرواحنا المتعطشة للمطالعة فحين تقرأ لهم تجد النصوص " نكرة لاتتعرف " عجز أصحابها عن تخليص أفكارهم من شوائب الغموض كي تكون قاهرة في الوضوح ، إذ يفتقد فيها متجه الأين الدال إلى بيت قصيد الفكرة كما يفتقد الكيف البلاغي المعين على تلمس ذلك ، لذا قلما لا تقف وأنت تتلبسك الحيرة و كأنك تقرأ لمتصوف متبحر تعمد التشفير في نصه لأسرار قدسية لايريد تجريدها حتى لايموت حلاجها ، ثم تصطلي من جديد بجذوة أقوى من جوى نار التعطش لفك تمائم النص فتهز جذع نخلة المقال دون ان " تساقط عليك رطب "افكارها ، عندها تقطع رداء الشك بالقين وتدرك أن نعيق غراب كتاب متطفل على اللوح والقلم يرشدك"كما يحسن أن يفعل " إلى جيف اللغة ، حيث ذباب القراء وبغاث طير الكتاب وفائح رائحة الكلم السوقي ومغبر أوجه البلاغة ومضل تشبيهاتها ومتنافر طباقها ، فتبا لغير أكمه عجز عن الإفصاح وقد بلغ أشده، وسلام مستحق على نبي الله عيسى أبن مريم يوم كلم الناس في المهد ،وتحية إجلال لكل كاتب صيرت له اللغة عرشها سريرا ، إذا أستل قلمه تتداعى المعاني متسارعة رافعة حضور القارئ الذهني إلى أعلى درجات التمعن في نص تصدح موسيقى كلماته وتتسارع معانيها حتى لا نكاد نلحق بها ، حين تنبع من جود بديهة مطاوعة وتقف على رصها ققدم تبحر فارعة تستقي من مورد فكر ثجاج.
نقيب من الطيران العسكري