الكون مزدحم بالمخلوقات والكائنات الغريبة في الشكل والسلوك مليء بالمشاهد الممتعة احيانا والمحزنة ايضا، وحينما تمعن النظر تدرك روعة صراع البشر _ العنصر المسيطر _ ضد الطبيعة ، ونجاح قهر صعابها وتذليل ظروفها القاسية وملاءمتها لرغباته ، لكن من الغريب ان سلوكهم المتبادل لا يزال دون مستوى حاجتهم للتعايش الآمن الواثق من ان الكون يسع الجميع وإمكانية التمتع بحق الكفاح الفردي والجماعي في الاوطان لإثبات الانتماء وللمساهمة في اثراء التجارب وتنمية الحضارة البشرية .
ان الازمات التي نمر بها تشكل مناسبة غير مرغوبة لتأكيد حاجتنا الملحة لتعزيز اواصرنا وتقوية لحمتنا وتنمية ثقافة التعايش المشترك المبني على معيار التميز تبعا للجهد والبذل والعطاء مع ان كل الازمات الماضية سواء كانت حروب او كوارث او اوبئة لم تفلح في تعزيز ثقافة المشاركة بشكل كبير الا انها مع ذالك وضعت الخطوة الاولى التي نتمنى ان تتسارع بعد ما يصبنا اليوم جراء وباء كورونا الفتاك من تسليم وعجز عن مواجهة كائن مجهري واحد تلقى الامر بالتحرك وتلقينا الاوامر بالبقاء ونبذ الحركة والاختباء في المنازل وممارسة طقوسنا في البيوت بين افراد الاسر ؛ فادت حركته الى هلاكنا بالآلاف واختنقت باحات منازلنا وصالاتها باحتدام الخلافات وتصاعدت وتيرة اعتداءاتنا و تحرشنا بالجنس الأرهف والاكثر ارتباط بمشاعرنا والتصاقا بمساكننا وكأننا نعود اليه كرها لنضايقه ولنكرس صورة غرائزنا كمخلوقات تجيد المماهات والمحاكات وتتطبع اكثر خلاف لطبيعتها وكأننا جبلنا على ان لا نذعن لواجب التعريف الصادق والحقيقي عنا وعن مشاعرنا وعن سرعة مللنا من روتين الحياة وخاصة حينما تفرض علينا غريزة حب البقاء نمط عيش الحياة وفق متطلبات السلامة. .
اننا في هذ الكون اسياد وفق لغتنا عبيد وفق غاية وجودنا مشاكسون و فضوليون وفق ما نخلف من امارات انطباعات المخلوقات الاخرى عنا التي تعيش الى جانبنا وهي الانطباعات التي نؤكدها اكثر في لحظات الرخاء التي نصنعها باردتنا الواعية والهادفة الى تأكيد جدارتنا بريادة اكثر مخلوقات كوننا الرائع والممتع إن نحن اردناه كذالك حينما تظل جديتنا في اشاعة العدل والمساواة و الوحدة كجنس مميزات تآخيه وتكامله وتجانسه اكثر وأجدر بالتأكيد من عوامل تفرقته وتظالمه و تمايزه على اساس العنصر او البشرة او الحظوظ وقد اكدت مناسبة حزننا الاخيرة اننا ضعفاء حينما نشتت جهدنا ،اقوياء حينما نوحد الجهد رغم ان ردة الفعل كانت مفاجئة و في لحظة قلق وخوف هستيري لأن العدو الصغير الفتاك ضرب اول ما ضرب اقوياءنا ضربة صعق لها الضعفاء صعقة لو فهمتها المخلوقات الاخرى لما ترددت لحظة في القضاء علينا انتقاما او استعمار واستعبادا لان سلوكنا المثبت يؤكد اننا نفسد كل حين نظام الكون البديع ظنا منا اننا نرتبه ونحصنه او نوسع دائرة حمايته وفق معاييرنا النسبية جدا .