ينسخكم.. يا قطيع اللصوص الذي اجتاز أسوار الخميلة، ليدوس بأظلافه أزهارها و ورودها، و ليرتع في رياضها و يكرع في حياضها، فيتركها بلقعاً يباباً بعد أن كانت روضةً أُنُفاً.. ينسخكم، يا متسلقي جدار الأسكندر بعد أن أفرغ عليه قطراً.. و سارقي الحوت الذي كان ذو النون في بطنه، و آخذي كل سفينة غصباً، و كل عقار نهباً، و كل صفقة سلباً.. ينسخكم، فقد زرعتم الثقوب في جيوبنا، صادرتم البسمة من شعوبنا، و قد طفأتم جمرة الأوطان في قلوبنا، و قد سرقتم لاحب الطريق من دروبنا.. و قد صبغتم بالظلام حمرة المغيب من غروبنا ينسخكم.. حين صادرتم حلمنا بالديمقراطية و التنمية، فدستم بدباباتكم العجماء متن قارب النجاة الذي كان يمخر عبابها، واثقَ الخطوة.. ينسخكم، حين كممتم الأفواه، و بترتم الشفاه، و صلمتم الآذان، و جدعتم الأنوف، و سملتم المآقي، و جذمتم الألسنة، و ثلمتم الأسنّة، و جذبتم الأعنّة، و قدمتم الأشرار و أخرتم الأخيار، فلم تتركوا فيها طِرفاً جامحاً، و لا طَرَفاً سارحاً.. بل فضلتم الحشف على الرُّطب، و قدمتم البراذين على صوافن الخيل.. فكنتم نظام الرعاع، و شلة الأقزام، و جوقة الببغاوات. ينسخكم، يا من جوّعتم الصغار، و أغرثم الأيامى.. يا من وزعتم الجوع و المسغبة على المواطنين كما توزع حلوى على أغلِمَة.. ينسخكم، يا من سرقتم الزرع، و أغرزتم الضرع، و خالفتم الشرع، و جانبتم الذوق و الطبع.. إخسأوا يا كلاباً لم تزل تلهث خلف طاردها.. و انزاحوا يا كروب القلوب، و هموم الأرواح، و قذى العيون و الاقداح.. انزاحوا يا ضباب الوهم عن سماءنا و عن مساقط غيثنا و مراتع سوائم أنعامنا.. انزاحوا أيها الأنذال، و احملوا حقائبكم، و امتطوا ركائبهم، و اصحبوا معكم كوارثكم و مصائبكم، فقد أرهق زيفكم كواهلنا، و أثقلت أكاذيبكم ظهورنا، فما أنتم غير برق خلّب و جهام كاذب.!! ينسخكم، و انتم تغيّرون دستورنا، و تغيرون على تاريخنا، و تلوثون أعلامنا، و تهينون رموزنا و أعلامنا، و تغادرون مستقبلنا القادم كالأمس الدابر. ينسخكم، حتى لا يبقى من “النسخ” إلا ما يكون منكم نسخه و لصقه.. فأنتم الأعشاب البرية التي تغزو حقول الأقحوان.. أنتم السوس الذي ينخر الخيزران.. ينسخكم أيها الطاعون و السرطان الذي ينشر أورامه الخبيثة في جسد الوطن.. أرحلوا من برنا.. من بحرنا.. من بُرنا و شعيرنا و خبزنا البلدي، و من عصائد عيشنا الصالح، فقد مللنا تماثيلكم التي تطارد نومنا و يقظتنا أيها العابرون إلى مزبلة التاريخ.! ينسخكم..! هذه أرضنا التي نيطت بها تمائمنا، و ناغينا فيها القمر القرمزي، و رعينا في صحاريها قطعان الإبل و الشاء، و التحفنا سماءها غطاءً، و افترشنا أرضها وطاءً، و طربنا فيها حدَ الثمالة لنغمات سيداتي و “تشعويذ” الداه ولد انگذي، و شنف فيها أسماعنا بكاء ولد آدبّ على ربوعها، و وقوف ولد أحمد يوره و الكفيَ ولد بوسيف على أطلالها.. فكيف نتركها لنذل مجنّس، بعد أن لفظته مخافر شرطة دارو موستي.!! ينسخكم.!
ملاحظة هذا المقال منذ ثلاثة اعوام