غالبية رجال المال والأعمال في بلادنا لا يهمهم كثيرا اكتساب صفة رجل الأعمال، ولا العمل بمقتضى تلك الصفة، بما تحمله من تأثير ووازنية في المعادلات الكبرى للتنمية الاقتصادية والمساهمة في خلق نشاطات موازية تساعد في رفع معدل الدخل العام وتسهم في تطوير وتنشيط الاقتصاد وتعطيه القابلية التنافسية والقدرة على الصمود في وجه التقلبات الاقتصادية التي أصبحت مسألة شبه موسمية.. ولعلَ اتباع النهج التقليدي لجمع المال وتكديس الثروة الفردية ( التٌيفي) لا يزال السيمة البارزة التي تميز فعل معظم هؤلاء وتمنعهم من تطوير نشاطاتهم وتحويل اهتماماتهم وميولاتهم إلى الاستثمارات ذات القيمة النفعية الكبرى بما في ذلك الاستثمار في المصادر البشرية تكوينا وتأطيرا وتحفيزا.. وكذا تطوير وتفعيل الاستثمار في مجالات التعليم والبحث العلمي والزراعة والتنمية والسياحة والتصنيع..إلخ ينضاف هذا طبعا إلى التقصير شبه الكامل في لعب أي دور في مجال الدعم الاجتماعي، _مع وجود بعض الاتثناءات القليلة المؤكدة للقاعدة..! الأمر الذي سبب شللا نصفيا أعاق المسار التنموي والاقتصادي للبلاد؛ بلاد ظلت تعتمد على صادراتها من خامات تفقد نسبة كبيرة من قيمتها في الأسواق العالمية بحكم المضاربات وتحكم المؤسسات الدولية الكبرى في تحديد قيمتها وفرض شروطها المجحفة لشراء تلك المواد مع عدم وجود رؤية وطنية استراتجية تعمل على الوقوف في وجه نهم وجشع تلك المؤسسات، وتطوق وسطاءها المحليين ممن أدمنوا التربح على حساب الوطن وثرواته. إضافة طبعا إلى شبه غياب تام لأي بادرة من طرف المستثمر المحلي للتحول إلى عمليات التصنيع التي تحمي المنتج المحلي وتنشط القطاعات الخدمية وتخلق مجالات تشغيل جديدة وفرص موازية. مع وضعنا في الحسبان أن مثل تلك النشطات الكبرى تتطلب جهدا مشتركا بين الحكومة وبين المستثمرين المحليين، كما تترتب عليها تحفيزات ومساطر قانونية وإجرائية تحمي مصالح الطرفين وتسهم في انسيابية ومرونة عملية النهوض بالاقتصاد بشكل أكثر إيجابية ومردودية، كما تتطلب أكثر الخروج من ربقة التبعية للمستثمر الأجنبي وتحرير الذهنية الاقتصادية الوطنية من هاجس الخوف المرافق .. ولكي لا نستمر في النظر من خلف مرايا قاتمة ونعمم في الأحكام فإننا يجب أن نعطي الفرصة لتلك الإشارات والمبادرات التي صدرت وتصدر من حين لآخر من بعض رجالات المال والأعمال الوطنيين وتحمل استعدادهم للمساهمة بفاعلية في لعب أدوار بحجم تطلعات الوطن وتعكس طموحهم خصوصا تلك التي عبر عنها رجل الأعمال محمد ولد بو عماتو خلال مساره المالي الذي عرف التوقف عند محطات مهمة تحتاج لبعض القراءة والتأمل ويحضورني منها حاليا استثماره في مجال تطوير وحماية الديمقراطية وتعزيز اللحمة الاجتماعية وكذا استثماره في مجال الصحة وأخيرا ما يشاع عنه من اهتمام بالاستثمار في مجال الإعلام والثقافة والتصنيع..