عسكريا واقتصاديا.. ما دوافع التقارب بين الجزائر وموريتانيا؟

ثلاثاء, 01/12/2021 - 09:59

الاخبار ميديا : شهدت العلاقات الجزائرية الموريتانية حركة نشطة الأسبوع الماضي، تصدرتها زيارة رئيس أركان الجيش الموريتاني الفريق محمد بمبه مكت للجزائر على رأس وفد عسكري هام.

وأوضح بيان لوزارة الدفاع الجزائرية أنّ الزيارة التي استغرقت 3 أيام تندرج في إطار تعزيز التعاون العسكري بين البلدين، والتقى خلالها الفريق مكت نظيره الجزائري الفريق السعيد شنقريحة.

وأكد أنّ المناسبة كانت "فرصة للطرفين لاستعراض حالة التعاون العسكري وتبادل وجهات النظر حول القضايا الراهنة ذات الاهتمام المشترك، على ضوء تطور الوضع الأمني السائد بالمنطقة".

من جهة أخرى، جددت الجارتان إرادتهما لتعزيز التعاون الثنائي في مجال الصحة، إثر زيارة عمل قادت الوزير الجزائري عبد الرحمان بن بوزيد، على رأس وفد هام إلى نواكشوط الأسبوع الماضي.

ومن جانبه دعا وزير الصحة الموريتاني ضيفه الجزائري إلى مساعدة بلده لإطلاق نظام رصد ومراقبة الأوبئة، إضافة إلى دعم إصلاح المستشفيات والتكوين والبحث العلمي والصيانة، وتبادل الخبرات في الحقل الصحي.

من جانب آخر، كشف المدير العام للتجارة الخارجية بالجزائر خالد بوشلاغم أنّ حصة منتجات بلاده من إجمالي الواردات الموريتانية من البلدان الإفريقية قد بلغت 20% عام 2020.

وصرّح بوشلاغم لوكالة الأنباء الرسمية أن الجزائر قادرة عام 2021 على زيادة صادراتها لموريتانيا إلى 50 مليون دولار حتى تتجاوز 53 مليونا التي حُققت عام 2017، بعد دخول منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية حيز التنفيذ.

واستنادا إلى إحصائيات المديرية العامة للجمارك الموريتانية، فإنّ الصادرات الجزائرية بلغت 8.7 ملايين دولار خلال الثلث الأخير من عام 2020، مما يجعلها الممون الأفريقي الثاني لنواكشوط.

 

علاقات إستراتيجية

وكان وزير خارجية موريتانيا إسماعيل ولد الشيخ أحمد قال، في فبراير/شباط الماضي خلال استقباله من طرف الرئيس عبد المجيد تبون، إن علاقة بلاده مع الجزائر "ممتازة وإستراتيجية".

بعدها بأسابيع قليلة، حطّ وزير الخارجية الجزائري صبري بوقدوم الرحال بنواكشوط، ليعلن من هناك أن بلاده "ستشرع في مزيد من التعاون والتشاور والتنسيق مع موريتانيا" مؤكدا حينها "وجود تفاهم كبير فيما يخص الوضع الدولي الراهن بالمنطقة المغاربية".

ثمّ عاود بوقدوم الزيارة يرافقه وفد رفيع من وزراء المالية والتجارة والصحة، والمدير العام للوكالة الجزائرية للتعاون الدولي، حيث التقى الرئيس محمد ولد الغزواني في يونيو/حزيران الماضي، وسلّمه رسالة خطية من نظيره الجزائري.

وتأتي تحركات الجزائر تجاه موريتانيا في سياق وضع إقليمي تطبعه المنافسة على استقطاب نواكشوط.

وعرفت علاقات البلدين تقدمًا ملحوظا، في ظل بروز المخاطر الأمنية بمنطقة الساحل، وفي أعقاب فتح أول معبر حدودي برّي بينهما صيف 2018، بهدف زيادة التبادل التجاري وتنقل الأشخاص وتعزيز التعاون.

 

مواجهة الدور المغربي

وقال عامر مصباح الباحث الخبير بشؤون منطقة الساحل الأفريقي إنّ عمليات تنشيط العلاقات الجزائرية الموريتانية تندرج ضمن الدبلوماسية الأمنية الإقليمية المتعددة القطاعات.

ورأى، في حديث للجزيرة نت، أن الجزائر تهدف من وراء ذلك إلى "دعم دورها الإقليمي في منطقة المغرب العربي، والقاري عبر أفريقيا، لمواجهة الدور المغربي المتنامي، والمدعوم مؤخرا من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل".

وأكد مصباح أنّ الدبلوماسية الأمنية المتعددة القطاعات للجزائر تتضمن توثيق الروابط التجارية والثقافية والتعاون الأمني لمكافحة التهديدات غير التقليدية (المخدرات، تجارة البشر، الإرهاب، التهريب..) ودعم استقرار المناطق الحدودية وعبر العمق الإستراتيجي للدولتين.

وأضاف بأنّ الجزائر تعتبر موريتانيا عمقها الإستراتيجي نحو المحيط الأطلسي، في مقابل ذلك تعدّ الجزائر ممرّا لموريتانيا نحو أوروبا.

 

مجالات حيوية

ويعتقد أستاذ العلاقات الدولية بجامعة الجزائر أنّ هناك العديد من مجالات التعاون التي يمكن تطويرها إلى مستوى الشراكة الإستراتيجية طويلة المدى بين البلدين، مثل التعاون العسكري والأمني والصحي، والاقتصادي والتجاري.

كما أن هناك مجالات أخرى قابلة للتعاون الثنائي وتحمل مصالح حيوية ومربحة للطرفين، مثل تطوير قطاع الصيد البحري بالمحيط الأطلسي، والتنقيب عن المعادن والبحث العلمي والتعاون بين الجامعات، بحسب المتحدث.

ويتضمن الطموح الدبلوماسي -وفق الرؤية الجزائرية- الوصول إلى السوق الموريتاني، والعبور إلى دول غرب أفريقيا المطلة على المحيط الأطلسي لأغراض التجارة والتعاون الاقتصادي، قبل بلوغ سوق منطقة "إكواس".

أمّا بالنسبة للرؤية الموريتانية فتستهدف الاستفادة من السوق الجزائرية والمساعدات المختلفة، خاصة فيما يتعلق بتطوير المناطق الحدودية وزيادة الحركة التجارية عبر المنافذ البرية، حسب مصباح.

وبناءً على ذلك، تسعى الجزائر لتطوير البنية التحتية بمنطقة الصحراء، عبر شق خطوط السكك الحديدية، الطرق السريعة، المطارات الدولية، شبكة الاتصالات وتدفق الإنترنت، والخدمات العامة الأخرى التي تساعد على تطوير حركة الاستثمارات والتبادلات عبر الصحراء في خط مستقيم نحو غرب أفريقيا عبر موريتانيا.

شراكات جديدة
من جهته، أكد محمد أمين بوطالبي مدير المركز العربي الإفريقي للاستثمار والتطوير أن العلاقة الاقتصادية بين الجزائر وموريتانيا أصبحت مهمة جدا بوجود أحد أكبر المعابر الحدودية بين الجارتين.

وأوضح بأن معدل التبادل التجاري بين البلدين ارتقى من 38 مليون دولار عام 2016 إلى 53 مليونا عام 2017، حيث "تصدر الجزائر إلى موريتانيا، وعبرها إلى أفريقيا، المواد الغذائية والتقنية المعاد تحويلها، والمواد واسعة الاستهلاك".

وبحسب بوطالبي، فإنّ أهمّ الدعائم التي يركز عليها الطرفان هي توفير مناطق صناعية بالجانب الجزائري، وتعزيز التجارة البينية والصناعة والاستثمار المباشر لتنمية العلاقة أكثر، مؤكدا إرادة القطاع الخاص من الجانبين.

وتوقع، في تصريح للجزيرة نت، أن تحتل الجزائر المرتبة الأولى خلال 2021 ضمن شركاء موريتانيا، من خلال إعطاء امتيازات أكثر للمصدرين وتحفيزات ضريبية، مع تذليل العقبات اللوجستية.

وقال بوطالبي إن علاقات الطرفين ستتطور أكثر خلال الأسابيع المقبلة بشراكات واستثمارات مباشرة، وفقا لخطة جزائرية ستمكنها من مضاعفة قيمة المبادلات عام 2022.

 

المصدر : الجزيرة

الفيس بوك