أحسنتم التشخيص سعادة الرئيس ؛ ولكن هل الحوار بشكله التقليدى هو الحل؟

خميس, 06/16/2022 - 07:43

 

لايختلف إثنان على صدق زعيم تكتل القوى الديمقراطية  السيد الرئيس أحمد ولد داداه، ونضج تجربته السياسية العابرة لحكم الفرد الواحد ، والجيش، والتحول الديمقراطى المتحكم فيه، إلى رحابة دولة القانون والمؤسسات والبلد الذى يسع الجميع ويحتضن الكل دون تمييز. 

ولايخلتف اثنان على أن موريتانيا بحبوحة استقرار وأمن وسلام فى بحر مضطرب من المشاكل والحروب الأهلية والصراع على السلطة فى الشمال والجنوب، وأن الإستقرار القائم يتطلب دعم الجميع ورعاية الكل، والأحزاب السياسية الوطنية أول المطالبين بذلك، لما فيه من خير البلاد والعباد. 

والكل يدرك كذلك ماذهب إليه الرئيس أحمد ولد داداه فى مقدمة خطابه من مخاطر محتملة، وتحديات مطروحة أمام البلد ونخبه الشابة، ويزداد الأمر تعقيدا مع دخول البلاد عالم إنتاج  الغاز وتصديره، وتفاقم الأزمات العالمية منذ إندلاع الحرب الروسية الأوكرانية، والحرب الإيرانية الإسرائيلية المحتملة، و قبل هذا وذاك، الأزمة الإقتصادية الناجمة عن تداعيات كوفيد ١٩، واضطراب سلاسل التوريد وتعطل العديد من المصانع، وارتفاع كلفة التوريد، وتعثر بعض اقتصاديات العالم النامى بشكل كبير، وتنامى التدخل الخارجى فى الجارة الجنوبية واندلاع المعارك منذ سنة على الحدود الشمالية والتوتر المتصاعد بين بعض شركاء البلد وجواره، وتعثر الحل المطلوب فى ليبيا وانهيار الأوضاع فى الشقيقة أتشاد . 

لكن هل الحل المطلوب  لكل المشاكل المطروحة أو المحتملة يمكن فى الذهاب إلى حوار مفتوح ، تثار فيه نقاط الخلاف أكثر مما تطرح فيه نقاط التلاقى لتعزيزها والتعاون من أجل تنفيذها والسير قدما بالبلاد نحو بر الأمان؟ 

وهل تعزيز الوحدة الوطنية يمر حتما بإعادة طرح القضايا المتفق عليها للنقاش من جديد، بغية غرس بذور خلاف جديدة حولها؟! 

وما الذى سيضيف الحوار لقضايا مثل العبودية والإرث الإنسانى، بعد الإقرار بوجود الأولى ومحاربة مخلفاتها وتجريمها بنص الدستور  وجعلها من الجرائم التى لاتسقط بالتقادم. وما الذى سيضيفه الحوار لملف الإرث الإنسانى بعد الإقرار بوقوع الأخطاء والاعتذار باسم الدولة والشعب، ودفع التعويض لكل من رفع يده مناديا بالتعويض تضرر أم أضر، وجبر خواطر المبعدين بالعودة والتعويض واستعادة الحقوق المسلوبة فى الأوراق والعمل والتقاعد وأخذ التعويض المجزى عن سنوات التيه، والصلاة خلف إمام السلطة على ضحايا تلك الأحداث الأليمية؟!.

صدق السيد الرئيس أحمد ولد داداه حينما أثنى على الشباب ودوره، وطالب برعايته ودعمه. ولكن هل الحوار والخلاف وترسيخ الاختلاف بوابة عبور إلزامية لكل من يريد حلحلة مشاكل الشباب؟ 

سيادة الرئيس لقد تم إقرار حزمة إجراءات غير مسبوقة لصالح الشباب، وبرامج للتكوين والتوظيف وتأسيس المشاريع وآليات تمويلها،  وهي أمور يجب تثمينها ودعمها والحض على تنفيذها ومراقبة أداء القطاعات الوزارية المكلفة بها، والمطالبة بإعادة تسريع الهيكلة المحتملة للمجلس الأعلى للشباب، وتكثيف الفرص المتاحة أمام الطلاب من أجل الولوج للوظائف فور التخرج، وضبط منح اليطالة وتسلمنها لأصحابها بكل شفافية وحياد. 

أما الحوار من أجل رعاية الشباب واحتضانه، وتحويل متفق عليه إلى نقطة خلاف أو مطلب لحزب دون آخر، فهو للبحث عن المكاسب الانتخابية أقرب، ولكل حزب الحق فى طرح رؤيته للأمور، والعمل من أجل إقناع الناخبين بذلك، ولعل الأشهر المتبقية فرصة لزيادة التمثيل والإستفادة من عامل الوقت لمزيد من الإقناع والتأثير.

سيادة الرئيس المحترم؛

إن النخبة مطالبة هي الأخرى أكثر من غيرها بتفهم الواقع الصعب الذى يعيشه العالم، والكف عن استغلال إكراهات التحول الحاصل والمشاكل المطروحة لكل بلدان العالم من أجل تحقيق مكاسب انتخابية محدودة. ودعم الرؤى والخطط المعلنة لإنقاذ مايمكن إنقاذه، فذلك هو ماتقتضيه المصلحة، ويتطليه الوقت، بدل لعن الواقع، والضغط من أجل إشعال أزمة داخلية، بفتح ملفات بالغة الحساسية والتعقيد، فى وقت حساس كالذى تعبشه المنطقة، وإليه ألمحتم سيادة الرئيس فى خطابكم الذى حمل صيغة النداء، وحاول تحميل الحكومة مسؤولية تعليق الحوار، رغم أن من علق مشاركته في الجلسات من أول يوم معلوم الصفة ومشهور بين الناس، ومن صعد من لهجته وخرق جو التهدئة والتشاور والحوار وعلق مشاركته بعد لايحتاج إلى بحث أو تأويل..

وفى الأخير ؛ 

أطال الله عمر الزعيم، وألهم الكل ثقافة الحوار المسؤول، وتبادل الرؤى دون تجريح، فقد كانت رسالته نموذجا أخلاقيا لما يمكن تلمسه من إصرار على لعب الدور المنوط بالقوى السياسية الجادة، دون الوقوع فى المحظور من ساقط القول أو التلويح بالمفضول من الأفعال، ولو كانت المعطيات تشير إلى أن ليد الابتزاز العابرة لكل الأحزاب يد فى مايجرى منذ أسابيع من توتير وتصعيد ودفع باتجاه الصدام والخروج من مربع التهدئة والتشاور إلى فضاء المواجهة وتحريك الأوضاع .. لم؟ ومن أجل ماذا؟ الله أعلم .. 

سيد أحمد ولد باب/ مدير موقع زهرة شنقيط