فَمَاذَا بَعْدَ ٱلْحَقِّ إِلَّا ٱلضَّلَٰال؟

ثلاثاء, 07/12/2022 - 22:48

قرأت مقالا رصينا وسميكا لمفكرنا العربي الاماراتي الاستاذ الملهم علي محمد الشرفاء الحمادي بعنوان *الارهاب والحجاب* بين فيه الكاتب وجهة نظره بكل وضوح انطلاقا من ايات الذكر الحكيم وما دلت عليه الايات البينات المؤصلة لمبدأ حرية الاعتقاد في كل شيء دون اكراه ولا فرض على الاخر اعتقادا أو شكلا معينا من أشكال العبادات والمعاملات حيث يقول الاستاذ الشرفاء : (كل فروض العبادات في الاسلام أساسها حرية الاختيار للانسان من مبدأ حرية الاختيار في الايمان والكفر ).
وكأن الاستاذ الشرفاء يردنا للنصوص التالية 
الاعتقاد في آيات بينات منها:
يقول الله تعالى: «لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ» سورة البقرة: الآية 256. ويقول تعالى: «وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ» سورة الكهف: الآية 29.
ويقول تعالى: «فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (21) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ» سورة الغاشية: الآية 20-21.
ويقول تعالى: «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ» سورة يونس: الآية 99.
فهذه النصوص القرآنية تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك أن مبدأ الإكراه على اعتناق الإسلام مبدأ مرفوض إسلامياً، وأن حرية العقيدة مكفولة للجميع، شريطة أن تصل إليهم الدعوة الإسلامية نقية واضحة، ثم بعد ذلك من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر.
يقول الحمادي: (لا يوجد في الشريعة الالهية في القرآن الكريم إكراه للإنسان على الايمان بالله وإكراه النساء على الحجاب).
فليس لأحد بمقتضى هذه النصوص الربانية المحكمة أن يُكره الناس على دخول الإسلام إكراهاً، ولكن يدعوهم بالحجة النيرة والكلام السديد الحسن، فإن أسلموا عن طواعية واقتناع كان خيراً وبركةً، وإن أبوا إلا المكث على دينهم المنزَّل من السماء تركوا وشأنهم طالما لم يعتدوا على المسلمين.
وقد بين الحمادي ان اللباس المحتشم فضيلة وهو اللباس الساتر لجميع بدن المرأة وزينتها، بما يمنع الأجانب عنها من رؤية شيء من بدنها أو زينتها التي تتزين بها.
يقول الاستاذ الشرفاء:(علما بأن اللباس المحتشم فضيلة ويمنع الاعتداء على النساء ومع ذلك لم يعين الله وكيلا عنه في الدنيا يراقب تصرفات الناس ويكرههم على ما يؤمنون به فهي حرية منحها الله للانسان ليؤمن بما يشاء وليلبس كما يشاء فلا حجر على اختياره لايمانه ولا إرغامه على التقيد بملابس معينة).
وقد شدد الحمادي على ضرورة التقيد بمبدأ الحرية والابتعاد عن السيطرة على الناس وفرض القرارات عليهم كما يفعل كثير من شيوخ الدين أو من يسمون بالعلماء.
وبين الاستاذ الشرفاء خطر الهيمنة على الناس واكراههم على اعتناق ما لا يرضون كما كانت تفعل محاكم التفتيش التي تُسمى بالإسبانية (La inquisición) هي المحاكم الكاثوليكية التي إرتكبت الفظائع بأفعالها وقراراتها، لم يسلَم منها أحد، حتى إتضطر البعض للتظاهر بإعتناقهم الديانة المسيحية نهاراً وأما ليلاً فيؤدُّون سراً تعاليم ديانتهم. لم تكن تحتاج محاكم التفتيش إلى دليل لإثبات جرمٍ على الُمتَهم، فكان بإمكان أي شخص الإفتراء على شخصٍ آخر بأنه ليس مسيحيّ لتبدأ محاكم التفتيش عملها من التعذيب والقتل. 
تفننت تلك المحاكم بأساليب التعذيب وكانت تتم العملية ببطىءٍ شديد حتى ينال المذنب عقابه ولا ينجو من براثِن الموت.
يقول الاستاذ الشرفاء :(فلا تكونوا مثل قضاة محاكم التفتيش التي أثارت الرعب في قلوب الامنين في القرون الوسطى في أوروبا واختطفوا حق الانسان في حريته واستعبدره وسفكوا دماء الابرياء بكل قسوة ووحشية ليرغموا الناس على اتباعهم.
وختم الحمادي مقاله الممتع بضرورة الرجوع الى الله قبل الموت والحسرة حين لا ينفع الندم يقول الاستاذ الشرفاء موجها الدعاة والعلماء والفقهاء :(اتقوا الله في أنفسكم قبل يوم الحساب وارجعوا إلى الله قبل أن يداهمكم الأجل بل ستقفون يوم الحساب ناكسين رؤوسكم ندما وخوفا من العقاب والله يحذركم من مشهد يوم القيامة من مشهد تقشعر منه الابدان ).
كتبه الاستاذ الفقيه التنويري نوح عيسى 
12/7/2022