الأمن يتعزز رغم الحوادث العرضية.. / نوح محمد محمود

خميس, 07/14/2022 - 13:23

لا تخلو مدينة من مدن العالم من جرائم القتل وحوادث الاحتيال والسرقة والنشل.
وحتى البلدان القوية ذات المنظومة الأمنية المتطورة ليست استثناء في ذلك.
ولعل حادثة العثور على شاحنة مليئة بالجثث التي تم تسجيلها الأسبوع الماضي بالعاصمة الأمريكية خير دليل واسطع برهان على ذلك، ورغم أن هذه الحادثة التي اشبعها الإعلام نقاشا واستفاض في تناولها ليست سوى حالة من آلاف الحالة التي تحدث بشكل يومي في جميع بقاع العالم.
لكن ما يسترعي الانتباه في هذه الحادثة بالذات هو تسيجلها ضد مجهولين..! 
نعم، ضد مجهولين.. آمريكا بكل أجهزتها وداوئرها الأمنية لا تزال عاجزة عن معرفة الجناة ولا دوافع ارتكاب الجريمة..!
ليس الهدف عندنا من ذكر هذه الحادثة تبسيط الجريمة ولا التلبيس، أو المقارنة بين واقع بلدنا المختلف في تركبته وبنيته وعفويته وتلقائيته، و في إمكاناته وقدراته الأمنية مع بقية بلدان العالم التي تتميز فيها الحياة بالفردانية المطلقة ما يساعد في كشف سلوك الأفراد وتعرية تصرفاتهم، ومن ثم سهولة تحديد القتلة أو الجناة  المفترضين، عكسا لما عليها حال بلدنا الذي يعيش حالة من التعاضد الاجتماعي والانسجام القطيعي الذي يزيد من قابلية إخفاء سلوك الأفراد والتمويه على الجناة، إلم نقل باحتضانهم و تضليل الأجهزة الأمنية، وارباكها عمليات البحث والتحري..
ورغم ذلك يبقى أداء أجهزتنا الأمنية ممتازا من حيث سرعة التدخل ودقة التحري وجدوائية البحث، والتصدي للجريمة..إذ أن المقاس الحقيقي لنجاعة الأجهزة الأمنية يكمن في سرعة تحديد الجناة والقبض عليهم وتسليمهم للعدالة، التي تمتلك وحدها حق السجن.. واعتبار لماسلف فإن أجهزتنا الأمنية تعتبر رائدة في مكافحة الجريمة، على اعتبار عدم وجود أي جريمة مسجلة ضد مجهول..!
وبالعودة إلى تقييم ما عرفته المنظومة الأمنية من تحسينات يمكن القول دون افتراء أن تطورا كبيرا حصل خلال السنتين الأخرتين على مستوى جهاز الشرطة الوطنية، بدأ بإعادة الهيبة للشرطي واستراجع مصداقية القطاع، مرورا بتكثيف التكوين والتأطير وراعاية السلوك و المحاسبة والتشجيع، مع زيادة الحوافز المادية والمعنوية، وفتح الباب أمام الرقية داخل القطاع من خلال مسابقات داخلية ساهمت في تجديد دورة القطاع الدموية واسهمت في الاستفادة من خبرة وتجربة عناصره، بالإضافة إلى اكتتابات خارجية كان القطاع يحتاجه لتعزيز مصادره البشرية...
لست هنا في وارد الحديث عن مقارنة بين واقعنا الأمني الحالي وما كان عليه قبل سنتين من الآن حيث الجميع يعرف فظاعة وتنوع وانتشار الجريمة و سقوط هيبة الدولة و الأجهزة الأمنية بحيث أصبح ارتكاب الجرائم يحدث في كل لحظة وفي وضح النهار وبأسالب وطرق متعددة أثارت موجة من الرعب والهلع لم يعد معها المواطن يستطيع الخروج من بيته..!
وهو ما يختلف عن ما عليه الحال الآن، وهنا لا أقول باختفاء الجريمة لأن ذلك أمر ليس في مقدور أي جهاز مهما أوتي من قوة، لكن نستطيع التأكيد على أن تغيرا كبيرا حصل على مستوى الأداء العملي والبنيوي لجهاز الشرطة وكان له انعاكسه الإيجابي على السكينة العامة وعلى انخفاض مستوى الجرائم.. وتبقى الإشارة إلى أن أي عمل أو جهد يقام به في هذا السياق سيظل ناقصا ما لم تتخذ الجهات القضائية مسؤليايتها كاملة في معاقبة المجرمين...
أريد قبل الختام الإشارة إلى أن العلاقة الطيبة التي تربط مدير الأمن الحالي بمختلف التشكلات الأمنية في البلاد ساعد كثيرا في توحيد الجهد الأمني وعزز العلاقة التكاملية بين كل تلك القطاعات التي كانت في السابق تعمل بشكل منعزل عن بعضها إلم أقل بشيء آخر.