مذكرة إلى رئيس بعثة الاتحاد الإفريقي

جمعة, 08/31/2018 - 13:49

حول انتخابات الجمعية الوطنية و المستشارين الجهويين و البلديين 2018

(مرحلة ما قبل الاقتراع)

أنواذيبو بتاريخ : 30 أغشت 2018

تقديم :

تعد الانتخابات وفق الدستور و القانون الموريتاني، حق أساسي يتمتع به المواطن و واجب يمليه الانتماء للوطن لما يمثله هذا الحق من ألتزام و مسؤولية في اختيار المرشحين من ذوي الكفاءة و البرامج التي تحقق الأهداف التنموية و الاقتصادية و الاجتماعية للمجتمع المحلي و للوطن ككل.

1 ـ الدعوة للانتخابات :

بدأ الاستعداد لتنظيم هذه الانتخابات بإصدار المرسوم رقم : 101 بتاريخ : 29 مايو 2018، الذي يحدد إجراءات الإحصاء الإداري ذي الطابع الانتخابي، و تمكين اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات من تنظيم و إعداد لوائح انتخابية تؤسس لتنظيم انتخابات شفافة و نزيهة.

2 ـ اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات :

اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات هي آلية وطنية مستقلة منشأة بموجب القانوني النظامي رقم : 27 بتاريخ : 12 أبريل 2012، مكلفة بتنظيم و الإشراف على كامل المسار الانتخابي في موريتانيا، وتم تعيين أعضاء تسيير هذه اللجنة بموجب مرسوم رئاسي رقم 18 صادر بتاريخ 18ابريل 2018، تم الطعن بالإلغاء ضده أمام الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا من طرف مؤسسة المعارضة الموريتانية، عازية طعنها ضد المرسوم إلى عيوب جوهرية مؤثرة تتعلق بعدم المشروعية و تجاوز السلطة.

3 ـ استدعاء هيئة الناخبين :

تم استدعاء هيئة الناخبين بموجب المرسوم رقم : 108 بتاريخ : 21 يونيو 2018، من أجل انتخاب النواب في الجمعية الوطنية و المستشارين الجهويين و المستشارين البلديين.

4 ـ استقبال ملفات الترشح :

و حددت المادة 4 من المرسوم الآنف الذكر تقديم تصاريح الترشح لدى الممثل المحلي للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات على النحو التالي :

4 ـ 1 ـ نواب الجمعية الوطنية : ما بين 18 يوليو 2018 عند الساعة صفر و 02 أغشت 2018 عند منتصف الليل.

4 ـ 2 ـ المستشارين الجهويين و المستشارين البلديين : ما بين 03 يوليو 2018 عند الساعة صفر و 13 يوليو 2018 عند منتصف الليل.

5 ـ افتتاح الحملة الانتخابية :

و وفق المادة 5 من المرسوم تم تحديد افتتاح الحملة الانتخابية لهذه الاستحقاقات يوم 17 أغشت 2018 الساعة صفر و تختتم يوم 30 من نفس الشهر عند منتصف الليل.

6 ـ تحديد يوم الاقتراع :

حددت المادة الأولى من نفس المرسوم يوم السبت 1 سبتمبر 2018 كتاريخ لإجراء الاقتراع و في حالة شوط ثاني ينظم يوم السبت 15 من نفس الشهر. على أن يصوت أفراد القوات المسلحة و قوات الأمن المسجلين على اللائحة يوم الجمعة 31 أغشت و في حالة شوط ثاني يتم يوم الجمعة 14 سبتمبر.

 

التجاوزات التي شهدتها المرحلة

لم تسلم مراحل التحضير لتنظيم هذه الاستحقاقات من التجاوزات فيها ما هو عارض و فيها ما هو جسيم و ممنهج نذكر منها :

7 ـ إضعاف دور الآلية المكلفة بالتنظيم و الإشراف :

تعرض تمكين اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات كآلية وطنية مستقلة معنية بتنظيم و الإشراف على الانتخابات للمحك حينما أصدرت بيانها رقم 07 بتاريخ 12 يوليو 2018 و المتعلق بتمديد فترة إيداع تصاريح الترشح للانتخابات الجهوية و البلدية لمدة أربعة أيام أي إلى 17 يوليو منتصف الليل بدل 13 يوليو، معللة قرارها بالتأخير الحاصل في إيداع تصاريح الترشحات، و بناءا على طلب من أحزاب سياسية شركاء في العملية، لكن الحكومة ممثلة في الوزارة الأولى و بإيعاز من حزب الاتحاد من أجل الجمهورية طعنت في البيان أمام الغرفة الإدارية بالمحكمة العليا، وقد أمرت هذه الأخيرة بتعليق تنفيذ البيان و هو إجراء وقتي وفق مفهوم التقاضي في انتظار البت في الطعن أصلا.

و نتيجة لهيمنة السلطة التنفيذية على السلطة القضائية، و ضعف إدارة اللجنة أمام الحكومة فقد تم خرق قواعد المرافعات حيث أن إلغاء البيان لا يجد مسوغا قانونيا قبل البت في الأصل.

8 ـ إعداد اللائحة الانتخابية :

لم تقتصر التجاوزات على حرمان الغاضبين من بعض الأحزاب الراغبين في ممارسة حقهم في الترشح. بل شملت التجاوزات إعداد لوائح انتخابية مخالفة لمقتضيات الأمر القانوني رقم : 289 الصادر بتاريخ : 20 أكتوبر 1987، و المعدل بالقانونيين النظاميين 32/2012، و09/2018، الذي يعتبر ناخبا كل مواطن موريتاني من الجنسين يبلغ من العمر 18 سنة كاملة و يتمتع بحقوقه المدنية و السياسية، و يكون مسجلا على اللائحة الانتخابية و بإمكانه إثبات إقامته في البلدية مدة لا تقل عن ستة أشهر، و لا يطبق هذا الشرط على موظفي الدولة و وكلائها المحولين إلى البلدية في الأشهر الستة الأخيرة.

حيث عمد أباطرة الفساد المالي و السياسي و القبلي الذين لا يتمتعون بقواعد محلية و بدعم من بعض مسؤولي مكاتب إحصاء الناحبين، على تمييع إرادة الناخبين المحليين من خلال جلب ناخبين مولين لهم من خارج دائرتهم الانتخابية، و تسجيلهم غيابيا عن طريق جلب بطاقات تعريفهم. كما تم التسجيل على اللوائح الانتخابية أياما بعد انتهاء المدة المحددة قانونيا و ذلك لصالح جهات معينة.

9 ـ إعداد قوائم المترشحين :

نتيجة لعدم احترافية و مهنية و كفاءة صناع قرار اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات على المستوى المحلي و المركزي، فقد شهدت مرحلة إعداد و معالجة ملفات المترشحين لهذا الاستحقاق الوطني الهام، خرقا جسيما، فلم تتضمن قائمة ملف المرشح شهادة الجنسية المنصوص عليها قانونيا و الاكتفاء بدلا عن ذلك ببطاقة التعريف الوطنية، وهي مجرد وثيقة تتضمن بعض البيانات التعريفية العامة، بينما شهادة الجنسية وثيقة جوهرية تحدد أصل صاحبها و طبيعة و نوعية تجنسه، و نتيجة لهذا الخرق و الفوضوية فقد تمكن أجانب من ترأس لوائح من بينهم من يحمل رقما عسكريا من جيش دولة أجنبية صديقة.

كما لوحظت فوضى عارمة في استخراج استمارة صحيفة السوابق العدلية، و هي شرط صحة لقبول ملف الترشح. و هنا لا بد من الإشارة إلى غياب قاعدة بيانات لدى وزارة العدل تمكن من ضبط استخراج هذه الوثيقة وفق سجل وطني دائم التحديث، بل إن استخراج هذه الصحيفة يتم عن طريق طلب المستفيد منها لدى النيابة في الدائرة القضائية التابع لها مكان أزدياده، بينما يمكن أن يكون سجل جرائم المستفيد خارج مسقط رأسه، و هذه الفوضى مكنت محرومين مؤقتا من مباشرة حقوقهم السياسية من الترشح.

10 ـ التجاوزات خلال الحملة الانتخابية :

         لم يسبق للحملة الانتخابية في موريتانيا أن شهدت التجاوزات الجسيمة التي شهدتها هذه الحملة و التي نذكر منها:

10 ـ 1 ـ الحرمان من الحرية وحق الترشح :

لقد شهدت الفترة القليلة ما قبل افتتاح الحملة الانتخابية توقيف بعض المرشحين الذين ما يزال بعضهم وراء القضبان محروم من حريته و ممارسة نشاطه السياسي مع مناصريه. فيما تم حرمان مواطنين من ممارسة حقهم في الترشح دون مسوغ قانوني.

10 ـ 2 ـ انحياز الحكومة :

لقد قاد رأس الدولة و في العلن حملة لصالح حزب الاتحاد من أجل الجمهورية، اتسمت بالتأثير على إرادة الناخبين، و الضغط على الأحزاب و المرشحين لسحب ترشحهم ضد حزب الاتحاد. و هو تصرف مخالف للقانون، و يتعارض مع التزاماته الأدبية و الأخلاقية اتجاه أغلبيته الحزبية.

و في بعض المناطق شهد افتتاح الحملة حضور سلطات إدارية و قادة أمنيين و عسكريين بزيهم الرسمي إلى جانب حزب الاتحاد من أجل الجمهورية و هو خرق سافر للقانون و النظم المعمول بها في البلد

10 ـ 3 ـ التعدي على استقلالية المؤسسات :

لقد شهدت هذه الحملة على خلاف سابقاتها مجموعة من الضغوط المخالفة للنظم المعمول بها في الوسط المؤسسي و التي كان من نتائجها التخندق السياسي البين لبعض الكيانات التي يحرم عليها القانون ذلك، مثل المؤسسات العمومية التي تم التأثير المباشر على أفرادها. كما لوحظ تسيس بعض المنظمات غير الحكومية و الأندية و الروابط الرياضية و الاتحادات المهنية و الوداديات ذات الطابع الاجتماعي.

10 ـ 4 ـ غياب أداء اللجنة خلال الحملة :

لم تتمكن المكاتب الجهوية للجنة الوطنية المستقلة للانتخابات من ضبط خطاب بعض المرشحين الذي تميز بالسوقية و التجريح الشخصي، و ذلك من خلال إعداد ميثاق شرف يلتزم به كل مرشح خلال حملته الانتخابية بالتركيز على خطاب سياسي يفيد الناخب و ينير طريقه و الإحجام عن انتهاك الأعراض الذي يجرمه القانون، و لا يدخل في إطار أي برنامج ينتفع به الناخب.

10 ـ 5 ـ تشكيل فرق مكاتب الاقتراع :

لم تسلم طريقة التعيين في هيئات اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات المختلفة من الزبونية و المحسوبية و ضمان الولاء على حساب الكفاءة و المهنية و هو ما انعكس سلبا على أدائها و وقعت بسببه أخطاء فادحة شهدتها بعض هياكل اللجنة، و الطريقة ذاتها تم على أساسها تعيين فرق مكاتب الاقتراع فبدل الاعتماد على كفاءات مستقلة تم تعيين غالبية الفرق على أساس ضمان ولاءها لمرشح معين و إلى حد تحرير هذه المذكرة لم يتم نشر الدليل الانتخابي الذي يستعان به في الرقابة على تنظيم عملية الاقتراع.

10 ـ 6 ـ إرباك الناخب :

يتوقع الكثير من المتابعين و المهتمين أن إجراء خمسة اقتراعات في نفس المكان  و الزمان و أمام هذا الكم الكبير من اللوائح المترشحة سيتسبب في إرباك القاعدة العريضة من الناخبين، لاسيما الذين غالبا ما يميزون خياراتهم على أساس اللون.

11 ـ الخلاصة :

يمكن الاستخلاص مما سبق أن هذه المرحلة شهدت تجاوزات جسيمة و ممنهجة أثرت تأثيرا كبير على إرادة الناخب و قناعته الحرة في الاختيار، مما سيشكك في نزاهة و مصداقية الاقتراع المزمع تنظيمه يوم السبت المقبل الموافق 1 سبتمبر 2018، و الذي سيراقبه فريق بعثتكم، و إن كان الفريق ليس على المستوى المطلوب من ناحية العدة و العدد.

 

         الناشط الحقوقي

سيدعثمان ولد الشيخ الطالب أخيار

 نائب رئيس AOHR بموريتانيا