ورطة الانتخابات الأخيرة.. / نوح محمد محمود

اثنين, 05/22/2023 - 23:48

الاخبار ميديا : أحست الأحزاب السياسية بالطمئنينة بعد دخولها في مفاوضات مباشرة ومفتوحة مع وزارة الداخلية، فقررت على ضوء تلك التفاهمات _التي لم يكشف بعض جوانبها للرأي العام_ أن تدخل في انتخابات بلدية وجهوية ونيابية، كانت تحسبها ستعجل بوصل بعضها إلى مراتب متقدمة في واجهة التمثيل السياسي. وهي في ذلك غير سواء، فمنها ما بنى تصوراته على أساس نتائج سابقة تحصل عليها في ظروف مغايرة، ولأسباب مختلفة عن ماعليه حاله الآن.
ومنها ما أسس على إشارات بوجود رغبة لدى هرم السلطة، أو من ينوب عنه باشراك الجميع، والسماح للكل بالتموقع داخل الخريطة السياسية الوطنية بما ينسجم وروح التصالح الذي يرى البعض أنه كان من أهم حسنات التوجه الجديد..
ومنها ما نظر إلى الأمر من زاوية أخرى مغايرة يتعلق الأمر أساسا بالرهان على ضعف التشكلة القيادية لحزب الإنصاف الحاكم، وإمكانية الاستفادة من هامش الأخطاء التي قد يرتكبها، أو ارتكبها بالفعل في خياراته، وطبيعة تعامله مع قواعده، فكان رهان بعض هذه الأحزاب معقودا على الاستفادة من المغاضبين في التحصل على قوة ناخبة لم تكن في الأساس لتوجد لولا ذلك التموقع الوارد الاحتمال.
غير أن شيئا ما حدث غير الموازين بعد أن أو عزت السلطة إلى كل الأجهزة بالعمل على تكسير الأضلاع واستخدام كل وسائل الضغط ترغيبا وترهيبا، جاء ذلك على لسان منسق عمل الحكومة، الذي وطئت قدماه كل مناطق الاحتدام، فكان خطابه مباشرا وصريحا.. إما أن تكونوا معنا وتنتظرون المكافأة وإما أن تكونوا ضدنا و سنتقم منكم، وتدفعون ثمن مواقفكم.
هذا إضافة إلى أن بعض الإشارات التي التقطها البعض قد تكون مضللة بالأساس، أو غير صحيحة على الإطلاق، لذا جاءت نتائج الانتخابات مخيبة لآمال البعض، فكان من شبه المؤكد بروز أصوات ممتعضة وأخرى ساخطة ترى أن التزوير فعل فعلته وأن ما يوصفون بالحرس القديم كانوا خلف كل صغيرة وكبيرة، فجاءت ردود الفعل متشنجة وبدأت الدعوات تتحدد إلى التخندق ضد النظام.
 وطبيعي جدا أن تبدأ ملامح تشكل جديد على ضوء نتائج أي انتخابات..
لكن هل ستؤثر هذه المواقف وهذه الأصوات على نتائج الانتخابات الرئاسية القادمة؟ أم إنها أصوات مناورة تعرف مسبقا أن ما تحصلت عليه من نتائج كان كافيا لوضعها في موضها الصحيح..؟
وهل يمكن أن تتشكل قوة سياسية جديدة خارج سياق الأحزاب الحالية تقوم على رافعات مغايرة، أساسها القوى التقليدية التي لم تحظى بفرصة الفوز بهذه الاستحقاقات؟ وهل ستؤثر هذه القوى إن وجدت في طبيعة العمل السياسي المستقبلي وتزيد من صعوبة حسم المعركة الرئاسية في المأمورية الثانية لصالح الرئيس الحالي؟ وهل ما زال أمام الرئيس وأعوانه من الوقت ما يكفي لتريميم بيت الأغلبية؟
وهل ستفضي كل هذه التطورات إلى وجود قوة حقيقية تستطيع انتزاع الكرسي الرئاسي من خلال صناديق الاقتراع..؟
أم إن مهندسي نتائج الانتخابات الأخيرة كانوا بالفعل يسعون إلى وضع الرئيس في ورطة حقيقية أمام استحقاقات رئاسية وشيكة..؟