رسائل المفكر “الشرفاء” عن تجديد الخطاب الديني

سبت, 11/24/2018 - 09:03

أفرد الكاتب الإماراتي علي محمد الشرفاء الحمادي، موضعا هاما بخصوص تجديد الخطاب الديني، وأشار إلى أنه من الأخطاء الاستمرار فى المطالبة بتجديد الخطاب الدينى ولكن المفروض أن يكون تصويب الخطاب الدينى معتمدا على مرجعية الخطاب الالهي فقط ، لأن القرآن هو الكتاب الوحيد الذى أنزله الله على رسوله وأمره بتبليغ رسالته للناس بقوله تعالى (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ)  (المائدة: 67)، والتكليف الالهي قد حصر مهمة الرسول فقط فى حمل الرسالة وتبليغها للناس وشرح مراد الله من آياته لهم ولا زيادة على الرسالة بحرف واحد. كما حدد الله له اُسلوب الدعوة بقوله تعالى (ادعُ إِلى سَبيلِ رَبِّكَ بِالحِكمَةِ وَالمَوعِظَةِ الحَسَنَةِ وَجادِلهُم بِالَّتي هِيَ أَحسَنُ)(النحل: 125)،

وأضاف أمره بألا يعتبر المهمة الإلهية وصاية على الناس فهم أحرار فى عقائدهم وحسابهم عند الله، تأكيدا لقوله تعالى فَمَن شاءَ فَليُؤمِن وَمَن شاءَ فَليَكفُر) (الكهف: 29) وقال تعالى (وَما أَرسَلناكَ عَلَيهِم وَكيلًا)(الاسراء:54)،  فمهمة الرسول ومسؤليته اقتصرت على البلاغ فقط، اما ما ينسب إليه من روايات، فقد تم إعدادها وفق مخطط جهنمي لكي يغرقوا العقول فى متاهات الروايات وتتصارع المرجعيات لكل منهم رواتها وتتمزق الأمة وتصبح طوائف وجماعات متفرقة يقتل بعضهم بعضا، ذلك ما تسببت به الروايات التى إستطاعت ان تطغى على الآيات وأسرت العقول وسيطرت على الأفهام وتم تقديسها حتى وصلوا بها الى قدسية القران الكريم، ونجحت المؤامرة الشيطانية لصرف العرب بالذات عن كتاب الله الذى يدعوهم للوحدة والرحمة والعدل والحريّة والسلام وعدم الاعتداء على الناس وعلى حقوقهم ولايغتصبوا اموالهم ويحتلوا اوطانهم، دعوة للسلام لكل الناس دون تفريق بين دين وآخر أو لون اوعقيدة، رسالة الاسلام رسالة محبة ومودة والتعاون بين شعوب الارض حيث يقول سبحانه (يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ)(الحجرات: 13) وقال تعالى وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ)(المائدة:2).

وأكمل  لقد استطاع الأبالسة من البشر أن يكيفوا الروايات باستخدام مصطلح سنة الرسول لكي تحدث تصادم بين مباديء القران وماينفع الناس وبين الروايات المنسوبة للرسول لغرض خبيث لصرف المسلمين عن كتاب الله ويبتعدوا عن رسالة الإسلام لزرع الفتن بينهم ويتخلفون عن ركب الحضارة الانسانية، علما بأن الله سبحانه وتعالى أنزل أول سورة على رسوله (اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ ﴿1﴾ خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ ﴿2﴾ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ ﴿3﴾ الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ ﴿4﴾ عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴿5﴾) (العلق:1-5)، اليست تلك الاية دعوة للعلم والقراءة والتفكر فى خلق السموات والأرض واستكشاف كنوز الارض لتسخيرها لتعمير الارض وخدمة الإنسان؟! اليست تلك معصية عندما يتخلى العرب والمسلمون عن أوامر الله آلتى تدعوهم للعلم والتقدم والبناء؟ ألم يكن من المفروض أن يقود العرب بالنور الإلهي كتاب الله الحضارة الانسانية وأن يكونوا سباقين لتطبيق العدل والحريّة والسلام وحماية حقوق الانسان فى الحياة والعيش الكريم؟ الم يستطيع علماء العرب أن يفرقوا بين القول وبين العمل؟ ألم تكن سنة الرسول هى القدوة في المعاملة والعبادات والسلوك القويم الذى وصفه الله به بقوله (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ)، أين أخلاق المسلمين من أخلاق رسولهم وكما وصفه أيضا بقوله (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ((الأنبياء:107)، فأين الرحمة فى قلوب العرب والمسلمين وهم يقتلون الأطفال والنساء والرجال الابرياء دون ذنب ويجزون اعناقهم باسم الاسلام؟.

 

 

تلك أسباب الروايات التى لايريد الجهلة والأغبياء ان يتخلوا عنها ويرجعوا الى كتاب الله الذى لاياتيه الباطل من أمامه ومن خلفه انهم كماقال سبحانه ( يريدون ان يطفوءا نور الله بافواههم ويأبى الله الاان يتم نوره ولو كره الكافرون ) وقال تعالى ( الم ترى الى الذين اوتوا نصيبا من الكتاب يدعون الى كتاب الله ليحكم بينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون) ومن أجل توضيح مهمة الرسول عليه الصلاة والسلام كما يلي:

أولا: اختار الله محمد من بين عباده واعده لحمل رسالة الإسلام

 

ثانيا : انزل عليه الخطاب الالهي وأمره بإبلاغه للناس وشرح مقاصد اياته لمنفعة البشر وصلاحهم

ثالثا: كلفه فى التبليغ بالحكمة والموعظة الحسنة ومجادلتهم بالى هي احسن

رابعا: حدد مسوءليته فى قوله تعالى (فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسَابُ)(الرعد: 40) وتكليفك لايعنى ان تكون على الناس وصيا أو وكيلاعن الله فى الارض .

خامسا: تضمن القران الكريم قواعد التشريع الالهى للناس لتكون مرجعية فى استنباط تشريعاتهم بما يتفق وعصرهم وواقعهم الذي يعيشون وخاطبه بقوله تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ ۗ وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا لِّلْعَالَمِينَ)(آل عمران: 108)، مما تعنى هذه الآية لا حديث بعد هذه الآية وقوله تعالى وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا )(النساء: 87)، اذا الخطاب الالهي خطاب واحد كلف الله به رسوله بان يبلغه للناس وان يتبعوا اياته وقد بلغ الناس رسول الله فى حجة الوداع بقوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا ۚ ) (المائدة: 3) مما يعنى باستكمال الرسالة ولاتحتاج الى اضافة بشرية لا من رسول ولامن عالم ولا من يروي روايات مدسوسة ومنسوبة على الرسول ويحملون الرسول مالم ينطق به ولا يمكن له حسب التكليف الالهى ان يضيف شيئا على رسالة الله للناس والله يريد عباده ان يتمسكوا بكتابه فقط تأكيدا لقوله (فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلا يَضِلُّ وَلا يَشْقَى  وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا) وقال تعالى ( قل ان كُنتُم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفر ذنوبكم والله غفور رحيم ) وبالرغم من وضوح الآيات الكريم والتحذير الالهي للناس من ضرورة اتباع كتابه المبيين الا ان المتآمرين على رسالة الاسلام ابتكروا روايات واسرائيليات وأساطير خرافية لا تتفق مع كتاب الله أو المنطق من اجل ان يصرفو ا الناس عن القران الكريم ومافيه من خير للناس فى الدنيا ومافيه من مواعظ تنقذهم من الفتن وقتل بعضهم البعض ولذلك يشتكى الرسول اتباعه بقوله تعالى (وقال الرسول يارب ان قومي اتخذوا هذا القران مهجورا ) فقد هجر المسلمون القران وتركوا النور الذي يضيءالحياة الدنيا واتبعوا سبل الشياطين فأضلوهم وضلوا ولن يجدوا من ينقذهم يوم القيامة لانصرافهم عن كتاب الله

 

ولذلك تاه المسلمون فى ظلمات الروايات التى طغت على الآيات وبلغ بهم الجهل ان وضعوا الروايات فوق مستوى الآيات وامنوا بماتقول به أهل الروايات المسمومة واعتبروها من رسالة الاسلام فويل لهم من يوم لاينفع فيه مال ولابنون)

 

واختتم ، وباذن الله ستتبدد الظلمة ويسطع نور القرآن على الارض وستهر الثعالب الى جحورها وستعلوا كلمة الله والله على كل شيء قدير.