المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي يكتب : (إِن تَنصُرُوا۟ ٱللَّهَ يَنصُرْكُمْ) .....

اثنين, 07/15/2024 - 16:32

 

أنه من المضحك والمبكي أن يحتج شيوخ الدين بالمحدثين وناقلي الروايات ويتركون ما نطق به رسوله الله عليه السلام وما بلغهم به من الآيات فيما يتعلق برفع أعمال الناس لله في شعبان، بالرغم أنهم شهدوا أن محمداً رسول الله ولم يعترفوا برسول غيره.

فكيف يحدث ذلك التناقض الخطير ويلجأون إلى قول البشر لتكون حجة على كلام الله سبحانه الذي يعلو فوق كل كلام وما نطق به رسول الله الأمين عن ربه يبلغ الناس بقول الله سبحانه: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَـٰنَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِۦ نَفْسُهُۥ ۖ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ ٱلْوَرِيدِ} (ق: 16)

تذكير للناس

فأسأل العقول وأذكرهم بقول الله سبحانه: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ ٱللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ ٱلْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا۟ كَٱلَّذِينَ أُوتُوا۟ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ ٱلْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ ۖ وَكَثِيرٌۭ مِّنْهُمْ  فَـٰسِقُونَ} (الحديد: 16)

فالله سبحانه يخاطب المؤمنين؛ ألم يحن الوقت لعقولهم أن ترجع إلى الله وما أنزله على رسوله الأمين من آيات الذكر الحكيم ليحكِّموها فيما شجر بينهم، وتكون آيات الله هي الحاكمة في كل خلاف يتعلق بالإسلام وتشريعات القرآن والمنهاج الإلهي الذي يضيء للناس الطريق المستقيم، فلا يضلوا ويتبعون باطل الشيطان الذي يشعل الفتن والخلاف بين المسلمين ليتطور إلى صراع وقتال وسفك لدماء الأبرياء، والمسلمون مازالوا يعتقدون في روايات نالت من آيات الذكر الحكيم وجعلتهم في الظلمات تائهون وفي يوم الحساب يسألهم ربهم بقوله سبحانه؛

{أَلَمْ تَكُنْ ءَايَـٰتِى تُتْلَىٰ عَلَيْكُمْ فَكُنتُم بِهَا تُكَذِّبُونَ/ قَالُوا۟ رَبَّنَا غَلَبَتْ عَلَيْنَا شِقْوَتُنَا وَكُنَّا قَوْمًۭا ضَآلِّينَ/ رَبَّنَآ أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَـٰلِمُونَ/ قَالَ ٱخْسَـُٔوا۟ فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (المؤمنون: 105-108)

 الذين اتبعوا الروايات

هكذا سيقف المكذبون بالآيات والذين اتبعوا الروايات وآمنوا بكلام الناس واحتجوا بها فوق كلام الله فصدوا عن سبيله و أغواهم الشيطان واستدرجهم إلى يوم يحل عليهم غضب الله ويلقيهم الله في نار السعير، خسروا الدنيا والآخرة فلن يجدوا لهم يوم الحساب عند الله نصير.

لذلك فإنني أتساءل أين غابت العقول؟ وكيف استدرجت النفوس إلى الظلمات؟ وأين اختفى الفهم والإدراك واختلط الغث بالسمين وتخلخلت الموازين؟ حتى مفردات اللغة العربية شابها الغموض، واختلط النهار بالظلام حتى أصبح الإنسان لم يعد يفرق بين الحق والباطل حينما يأمر الله الناس بقوله سبحانه أمرا صريحاً وواضحاً لا لبس فيه ولا غموض ولا يحتمل غير تفسير واحد كما قال سبحانه؛ {ٱتَّبِعُوا۟ مَآ أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا۟ مِن دُونِهِۦٓ أَوْلِيَآءَ ۗ قَلِيلًۭا مَّا تَذَكَّرُونَ} (الأعراف: 3)

مراد الله من العباد

ما هو مراد الله من هذا الأمر للناس غير أنه يأمرهم باتباع كتابه المبين الذي أنزله على رسوله الأمين وكلفه بتبليغ الناس بمقاصد آياته وحكمة مراده لما ينفع الناس في الدنيا والآخرة.

كيف لم يدرك العارفين بمفردات الكلمات العربية ودلالاتها التي تشع نورا وسرورا فإن كانوا يؤمنون بالله فمن المفروض أن يطيعوا أوامره وإن كانوا يعبدون إلهاً آخر فلن يطيعوا الله وسيفضِّلون على آيات الله روايات بشرية قصّر إدراكها عن فهم حكمة الله في مقاصد آياته، فهجروا القرآن وابتعدوا كثيرًا عن شرعة الله ومنهاجه التي تحصن الإنسان في حياته من المعاصي والذنوب وتحميه من الانسياق خلف الشيطان حين يستدرج الإنسان للعدوان، مما سيترتب على ما قام به الإنسان من عدوان سواء بالسرقة او الضرب أو غير ذلك من الوسائل المختلفة سيواجه عقوبة القانون، وقد يتم الحكم عليه بالسجن مدة طويلة حسب الجناية التي ارتكبها.

كيف يحمي الإنسان نفسه؟

بينما الله في شرعته ومنهاجه إذا اتبعها الإنسان تحميه من الضرر الذي ترتب على إهماله بعدم التمسك بآيات الله.

ذلك مثال بسيط؛ فالله سبحانه حينما أنزل كتابه على الرسول الأمين كانت حكمته أن يحقق للإنسان حياة طيبة في ظل الأمان والطمأنينة، وأن الآية المذكورة أعلاه تعتبر القول الفصل، إن كنا مسلمين، بالابتعاد كليًا عن كل رواية وكل ما يطلق عليه حديثًا زورًا وبهتانًا من قِبَل الرواة الكاذبين الذين يسعون في الأرض فسادًا لتنتشر الفتن بين المسلمين، ويقتلون بعضهم منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا وهم في نزاع وصراع وسفك لدماء الأبرياء.

استفيقوا يا مسلمين

فمتى يفيق المسلمون من غفوتهم ويرجعون إلى ما ينفعهم ويرحمهم والذي يحرص على أمنهم وسعادتهم، هو الله الذي رسم لهم في الذكر الحكيم طريق الخير والسلام والحياة الطيبة.

أليس ذلك الموقف الذي يبين جحود المسلمين لربهم ونكرانهم أوامره ونصائحه ورعايته لخلقه، يكرر النصيحة ويحذرهم من طريق الباطل و يعرفهم مسارات الخير والسبل التي تحميهم من النفوس الأمارة بالسوء وأتباع الشيطان.

الله سبحانه يحذر الناس من الشيطان

وكم حذر الله الإنسان من الشيطان في كثير من الآيات وبيّن للإنسان أهدافه لكي يأخذ الحذر، ولكن الشيطان استطاع بواسطة النفوس الضعيفة أن يخترق الحواجز، ويسوغ للنفوس طرق الشر، وما أكثر ضحايا الشيطان في السجون والذين ينتظرون أحكام الإعدام والهاربون من القضاء والذين يعيشون في بؤس وشقاء!

ألم يتخذ الإنسان تلك القضايا عبرة وما واجهه من حياة الضنك وعدم الطمأنينة ويرجع إلى الله الغفور الرحيم الودود اللطيف جل وعلا، الذي يمنح عبده إن سار على نهجه السكينة والطمأنينة والنعمة ليحيا حياة طيبة ولكن الإنسان جحود كفور بنعمة الله وفضله.

نسوا الله فأنساهم أنفسهم

فكم من الأغنياء نسوا الله فأنساهم أنفسهم وأخذ ما لديهم من ثروات وقصور حين لم يراعوا شرعة الله ومنهاجه في حياتهم واتباعها سلوكًا ومعاملة بين كل الناس، وترجمة كل ما أمر الله به الناس من الأخلاق السامية وقيم الفضيلة من رحمة وعدل ونشر السلام والتعامل بالإحسان بين الناس كما أمر الله رسوله الكريم في قوله سبحانه؛ {ٱدْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِٱلْحِكْمَةِ وَٱلْمَوْعِظَةِ ٱلْحَسَنَةِ ۖ وَجَـٰدِلْهُم بِٱلَّتِى هِىَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِۦ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِٱلْمُهْتَدِينَ} (النحل: 125)

ثم يوجّه الله سبحانه رسوله بقوله: {وَلَوْ شَآءَ رَبُّكَ لَـَٔامَنَ مَن فِى ٱلْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا۟ مُؤْمِنِينَ} (يونس: 99)

وخطاب الله لرسوله بقوله سبحانه: {وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَآءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَآءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ} (الكهف: 29)

لا إكراه في الدين 

بالرغم من الآيات السابقة التي منح الله بها الإنسان في كل مكان وزمان حرية الاعتقاد وحرية اختيار الدين الذي يتفق مع قناعاته وإيمانه، إضافة إلى توضيح الله لرسوله أن اعتناق دين الإسلام اختيارًا وطوعًا دون إكراه أو فرض اعتناق الإسلام بالقوة كما قال سبحانه: {لَآ إِكْرَاهَ فِى ٱلدِّينِ ۖ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَىِّ ۚ فَمَن يَكْفُرْ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَيُؤْمِنۢ بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لَا ٱنفِصَامَ لَهَا ۗ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (البقرة: 256)

فكيف تجرّأ العابثون بالتحايل على شرعة الله للناس في منحهم حرية مطلقة في اعتناق الإسلام ديناً واستعد الإنسان ليتخذ آيات القرآن شرعة ومنهاجاً، ليصادق على عقد بينه وبين الله في الالتزام الكامل بتطبيق شرعته واتباع منهاجه في حياته، وأن لديه العزيمة في مواجهة النفس الأمارة بالسوء لترويضها في اتباع آيات الذكر الحكيم، وما يحققه ذلك للإنسان من تحصين عن المعاصي والذنوب ويجعل للإنسان حياة طيبة في الدنيا، وفي الآخرة وعده الله بجنات النعيم، فمتى يتحقق ذلك الوعد الإلهي حينما ينتصر لله في نفسه ويترجم كل خطوة في حياته و سلوكه وعلاقاته من الناس جميعاً مترجماً شرعة الله ومنهاجه قولا وعملا يمارسه في كل لحظة من حياته فمعنى أن ينتصر الإنسان لله، فإنه خالف الشيطان والهوى وتحكم في شهوات النفس وسيطر على إغواء الشيطان ولم يتبع ما يوسوس له من القيام بأعمال تتناقض مع التشريع الإلهي ومنهاجه.

فالخلاصة

إما أن ينتصر الإنسان لكلام الله ويؤمن بآياته ويتمسك بكتابه الذي أنزله الله على رسوله الأمين فيكون من السعداء في الدنيا ويكون من الآمنين يوم الحساب، وإما يكفر بآيات الله ويهجر قرآنه ويتبع الشيطان ويصدق الروايات المفتراة على الله ورسوله فسيعيش حياته في فتن وضنك وشقاء، وفي يوم الحساب لن ينفعه كل الذين نسبوا للرسول أقوال زور وأكاذيب وبهتان وأطلقوا عليها أحاديث، بالرغم من أن الرسول عليه السلام بلغهم عن ربه في القرآن الكريم: {ٱللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ ٱلْحَدِيثِ} (الزمر: 23)

وقول الله الذي نطق به عن ربه رسوله الأمين فقال: {ٱللَّهُ لَآ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ۚ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَـٰمَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ ۗ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ حَدِيثًۭا} (النساء: 87)

وقول الله سبحانه الذي بلغهم به رسول الله: {وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَعَمِلُوا۟ ٱلصَّـٰلِحَـٰتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّـٰتٍۢ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا ٱلْأَنْهَـٰرُ خَـٰلِدِينَ فِيهَآ أَبَدًۭا ۖ وَعْدَ ٱللَّهِ حَقًّۭا ۚ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ ٱللَّهِ قِيلًۭا} (النساء: 122)

التكليف الإلهي للرسول

بالرغم من أن الرسول عليه السلام نطق بلسانه عن ربه في الآيات المذكورة أعلاه، فكيف صدّق الناس روايات مزورة على الرسول وهو مكلف فقط  بتبليغ آيات الذكر الحكيم للناس دون زيادة أو نقصان، ونتيجة لافتراء المجرمين على الله ورسوله بالكذب والله سبحانه سيحكم عليهم بأن يلقى كل من ألف رواية كذباً ومن صدق تلك الروايات وآمن بها واستبدل آيات الله في الكتاب المبين، بأقوال المزورين والكاذبين في نار الجحيم، فقد خسر الدنيا والآخرة، ولن ينفعه كل المفترون على الله ورسوله، فاحذروا يا أولي الألباب.

اللهم إني قد بلغت.. اللهم فاشهد.