
إن التدبر في آيات الله هو من أعظم وسائل الهداية التي حثنا القرآن الكريم عليها، خاصة في شهر رمضان المبارك، الذي يعد فرصة عظيمة للتقرب إلى الله تعالى وتهذيب النفس.
ومن خلال رؤية المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، يمكن أن يتجلى لنا فهم عميق للتدبر في القرآن الكريم وكيف أن هذه المعاني السامية تشكل طريقًا للهداية والرشاد في هذا الشهر الفضيل.
يرى المفكر الشرفاء أن التدبر في آيات الله يعمق العلاقة بين العبد وربه، ويعينه على تجنب المزالق التي قد تفسد دينه وتهدد استقراره النفسي والاجتماعي، وذلك أن التدبر في آيات الله، يجد المسلم فيه دعوة صريحة إلى الأخلاق الحميدة والتزام الطريق الصحيح، فكما ورد في قوله تعالى:
﴿وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ﴾ (القصص: 77).
يوضح المفكر الشرفاء من خلال تدبره وفهمه العميق للآية أنها تدعو إلى الإحسان في القول والعمل، وعدم الانغماس في الفساد أو الطغيان، وفي هذا المعنى، يظهر التوجيه القرآني الذي يربط بين تحصيل الآخرة، والإحسان في الدنيا، فلا يجب أن يغفل الإنسان عن نصيبه من الدنيا طالما كان في إطار الصلاح، ولا ينبغي له أن يطغى أو يبغي على الآخرين، بل يسعى لرضا الله تعالى.
إن شهر رمضان ليس مجرد صوم عن الطعام والشراب، بل هو فرصة للتركيز على الجانب الروحي من حياة المسلم، وتدبر آيات القرآن التي تنزل فيه، ففي هذا الشهر، يحرص المسلمون على قراءة القرآن وتدبره، لتكون هذه القراءة وسيلة للارتقاء بالنفس والإقبال على الله تعالى.
وقد أوضح المفكر علي محمد الشرفاء بأسلوب عميق أن التدبر في آيات القرآن، وخاصة في هذا الشهر، يعد من أسمى العبادات التي لها أثرا عميق في النفس الإنسانية.
انطلاقا من رؤية المفكر الشرفاء فإن العبادة تتضمن كل عمل يقوم به المسلم في حياته اليومية إذا كان بنية خالصة لله تعالى، وقد قال تعالى:
﴿اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ﴾ (العنكبوت: 45).
يحثنا هذا التوجيه الإلهي على الالتزام بالصلوات، التي تعتبر حائطَ صدٍ ضدَّ الفواحش والمنكرات، وهي بمثابة تربية يومية للروح والبدن.
كما أن الذكر لا يتوقف عند الصلاة بل يمتد ليشمل كل لحظة في حياة المسلم، مما يعزز من ارتباطه بالله ويفتح له أبواب الهداية والرشاد.