عد الله الناس بزوغ فجر تشرق فيه آياته فى قوله تعالى: (يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) ( 32: التوبة )
فخطاب الله للناس ليس به ألغاز أو شفرات، إنما خطاب الرحيم الروءوف بعباده، الذى يرضيه أن يكون الناس يعيشون فى سعادة وأمان فى الحياة الدنيا، ويدعوهم فى كل لحظة من حياة الإنسان بقوله (ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ ) ( 46: الحجر)
ويبين لهم طريق الحق الذي يهديهم إلى جناته ونعيمها، ويقول لهم بكلمات لا تحمل الشك أو الالتباس بقوله ( اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ ) (3: الأعراف) .
دعوة واضحة المعنى، ناهية عن التمسك بروايات شاذة اختلقها بعض عباده ليعزلوا الإنسان عن الطريق المستقيم وينبأنا سبحانه منذ أربعة عشر قرنًا بأن المسلمين سيهجرون الآيات ويتبعون الروايات فى قوله سبحانه ( وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا) (30: الفرقان) .
وهذا هو واقعنا اليوم كما كان فى الماضي صراع وقتل ودماء تسيل وأرامل تسمع منها العويل، وأطفال مشردون ،وأبرياء يذبحون، فلاسبيل لنا إلا بالعودة إلى رب الرحمة الذي يدعونا للسلام والعدل والإحسان والتعاون، و يحذرنا من الظلم والاعتداء على حقوق الناس، وقضية تصويب الخطاب الديني مصطلح غير دقيق، لذا يتطلب تصحيح المصطلح بحيث يؤدي المقاصد المطلوبة وهو ( تصويب الخطاب الإسلامي )
وذلك لأنها قضية سهلة لا تحتاج إلى مؤتمرات ولا لجان ولاعباقرة إنما المطلوب أن ننفذ الأمر الإلهي الذي يدعونا بقوله (قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى (123) وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى)
هذه الآية وما قبلها تصوب لخطاب الإسلام وتدعو للرجوع إلى القرآن ليكون المرجعية الوحيدة للمسلمين، أما سنة رسولنا الكريم، فكما وصفه الله سبحانه ( وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ ) ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ) (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ ) ( لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ ) ( اتق الله حيثما كنت وأتبِع السيئة الحسنة تمحها) (الَّذِينَ يُنفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ ۗ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) وغيرها من القيم النبيلة التى كان يطبقها رسولنا الكريم فى تعامله مع الناس.
تلك هي سنته لأن السنة فعل وليست قولا، ولأن الله أمرنا ان نتخذ رسوله قدوة فى سلوكياته ، حيث يقول سبحانه (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا) ( 21: الأحزاب) وقد قال سبحانه وتعالى يخاطب الذين يتوجسون من القرآن ويهربون من تعاليمه وتشريعاته وأحكامه، ويخافون من تحذيره لهم من هجر القرآن وآياته ( وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَىٰ مَا أَنزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنكَ صُدُودًا ) ( 61: النساء) وهو دعوة الله لهم لاتباع الرسول يبلغهم أيات الله وعظاته ليهديهم طريق الخير والصلاح ويجزيهم يوم الحساب خير الجزاء، ويعذب المنافقين والكافرين عذابا عظيما، فتراهم يهربون من وعد الله ووعيده ، لذلك وصفهم الله سبحانه بالمنافقين وكم ممن يدعون علم الإسلام ويقدمون أنفسهم للناس مرجعيات أمينة وصادقة لدينه فإنما هم (يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ ) ( 9: البقرة)